• Sat 20 Dec, 2025


الكورة- بائع التين صديقي الموسمي صاحب الوجه الصبوح

نورما شاهين- كان موعدنا موسمياً وبالتحديد في موسم التين. هو يستيقظ باكراً لقطفه وعرضه أمام منزله في صناديق كرتون صغيرة على لوح خشب. وأنا كنت أقصد المرور من أمام منزله لأن التين الذي يقطفه كان دائماً طازجاً ولذيداً.
لا أعرف اسمه، ولكن ابتسامته والطريقة التي يلوح بيده للمارة جعلتني أتوقف لأول مرة. ومنذ ذلك الوقت ولأكثر من خمس سنوات بات موعدنا الموسمي. أحببت ذلك العجوز المبتسم تماماً كما أحببت نوع التين الذي يقطفه ويبيعه.
في منصف شهر آب الماضي قصدت ذلك المكان. ومن بعيد رحت أبحث عن لوح الخشب، علب التين وابتسامة العجوز. لكنني لم أر شيئاً. قلت في نفسي أنه ربما ما زال الوقت مبكراً وأن التين لم ينضج بعد. ومررت بعد أسبوع والمكان فارغ. لا ابتسامة ولا يد تلوِّح ولا تين. شعرت بحزن شديد. أردت أن أسأل عنه ولكنني فضلت فرضية أنه تعب من قطف التين وقرر تمضية ساعات إضافية في النوم صباحاً.
لكنني لم أتوقف عن التلفت نحو منزله الحجر المختبىء بين أشجار التين والجوز والمشمش والأكدنيا علّني ألمحه وأنا مارة. لاحظت وجود شاب وصبية أمام المنزل، وعدة مرات رأيت طاولة طعام ممدودة تحت الشجر وعدد من الأشخاص يحضرون المشاوي. من المؤكد أنهم لاحظوا نظراتي التي كانت تبحث بينهم عن طيف صديقي الموسمي ولكنني لم أجرؤ يوماً على التوقف للسؤال عنه. هل هم أولاده؟ يبدو وكأنهم مغتربين، يستمتعون بالجلسة في ظل الأشجار تماماً كما كان يجلس كبير ذلك البيت.
ثمة فرح في ذلك المكان، لا يمكن أن يكون قد غادره العجوز. هكذا كنت أواسي نفسي. وكنت على حق. فقد رأيته مؤخراً أمام مدخل المنزل متمدداً والى جانبه أولاده المغتربين، على ما أظن، وابتسامة الرضى بدت واضحة على وجهه.
فرحت برؤيته وطمأنت أولادي أنه ما زال بخير لأنهم لاحظوا قلقي عليه. وقلت لهم كان معي حق فبكل بساطة قرر صديقي الاسترخاء وتمضية بعض الوقت مع أولاده المغتربين في الصباح.
لك طول العمر صديقي صاحب الوجه الصبوح.

Facebook Link


قد يعجبك أيضا

الكورة- موقع wedelivergifts.com الالكتروني ينقل الهدايا والحب والأحلام من المغترب والمقيم الى الأحباء في كل المناسبات
نورما شاهين- كلما أراد أن يفاجئ زوجته بهدية في مناسبة معينة، كان يتصل بشقيقته ويكلفها شراء باقة الورود وعلبة الشوكولا وقطعة الذهب أو الملابس. وكانت شقيقته تتحمل مشقة اللف والدوران لجمع الأغراض وتسليمها في اليوم المناسب. هو مغترب لبناني يعيش بعيداً عن عائلته وأهله ووطنه. وعندما عاد الى لبنان، قرر مساعدة كل شخص يرغب بالتعبير […]
أميون الكورة- علي بائع الكعك رفيق الأجيال
نورما شاهين- Koura.org- يرحب بك بصوت خافت ونظرات ثاقبة “كيف صحتك وكيف الأولاد؟”. هو يعرف الكورة وأبنائها تماماً كما يعرفه الجميع كباراً وصغاراً. يقف عند إشارة أميون منذ سنوات بعيدة. حتى قبل وضع إشارة السير. هو في ذاكرة طلاب المدارس وأبناء أميون، داربعشتار، كفرعقا وكفرحزير وغيرها. أتى يبحث عن رزقه ويبيع الكعك منذ أكثر من […]
مسلسل انفجارات قساطل المياه في الكورة شارف على الانتهاء
نورما شاهين – شهدت طرقات الكورة انفجارات بالقساطل في أماكن مختلفة نتج عنها أضراراً جسيمة بالطرقات والسيارات وعلت صرخات المواطنين استنكاراً وغضباً. ومؤخراً غرق مدخل بطرام بالمياه وتحول بحيرة أعاقت مرور مئات السيارات والباصات التي تمر عبره يومياً للوصول الى المدارس والجامعات في المنطقة. تكمن المشكلة في نوعية القساطل المستعملة في مشروع مياه الشفة، فهي […]
مبادرة مميزة من مجموعة صغيرة من الكورة للتخفيف من ألم أطفال مرضى السرطان
نورما شاهين- ليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها هذه المجموعة بمبادرة مميزة وتنظم نشاطاً يعود ريعه لمركز سرطان الأطفال، بل الثامنة. انها مجموعة صغيرة مؤلفة من ٤ فتيات وشاب يقومون كل فترة بتحضير الشراب أو الحلوى في منازلهم لبيعها في إحدى القرى الكورانية. هذه المرة، حضرت المجموعة ٧٦ علبة صغيرة تحتوي على الشوكولا ووقفت […]
مشاركة فوج القديسة كاترينا – أنفه الكورة في الجامبوري الكشفي العالمي في اليابان
نورما شاهين – شارك فوج القديسة كاترينا- أنفه من جمعية الكشاف الوطني الأرثوذكسي في الجامبوري العالمي ٢٠١٥ في اليابان. والجامبوري الكشفي هو مخيم يشارك فيه الكشافة من دول العالم أجمع، يُنظم كل أربع سنوات في دولة تُحدد في المؤتمر الكشفي العالمي. ومن أنفه شارك كل من أندريا الشامي، لوري زعيتر، ماري روز النمر وميشال الضيعة […]
معرض “مونة شغل البيت” في أميون نافذة تطل على تقاليد الكورة وتراثها
نورما شاهين – تنتقل عبر مدخل معرض “مونة شغل البيت” في أميون الكورة إلى الزمن الماضي الجميل، زمن تفوح منه رائحة الصابون البلدي، الزعتر،ماء الزهر، شراب التوت والورد، ورق الغار والنعناع… معرض من نوع آخر، تسكن زواياه حكايات الأجداد والقرى، عبر منتجات تناقلتها الأجيال، فباتت كنزاً يعرف قيمته كل من ينتجها ويتذوقها. تحت شعار جبران […]